روائع مختارة | روضة الدعاة | مدن وبلدان | اليمنيون: عراقة في الدعوة.. إلى الإسلام

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > مدن وبلدان > اليمنيون: عراقة في الدعوة.. إلى الإسلام


  اليمنيون: عراقة في الدعوة.. إلى الإسلام
     عدد مرات المشاهدة: 2833        عدد مرات الإرسال: 0

كانت دول سبأ وحِمْيَر وغيرها من دول اليمن السعيد من أوسع الإمبراطوريات التي جابت بلاد الشرق والغرب، وقد قيل إنها نافست الفراعنة القدماء في نفوذهم شمالي أفريقيا ووسطها وفي الهلال الخصيب ومنطقة بحر العرب والخليج العربي.

وقد اكتسب اليمنيون على مر التاريخ شهرة واسعة في مجال التجارة، حتى قيل إنهم من أمهر بني الإنسان تجارة، وبإمكانهم أن يجبوبوا كل دول العالم ويتكيفوا مع أية بيئة جديدة بغرض نشر تجارتهم، وهذا ما سنثبت صحته في الروايات التي سترد في هذا التقرير.

عندما دخل الإسلام اليمن على يد علي بن أبي طالب ومعاذ ابن جبل وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهم وجد تربة خصبة في شعب نشأ على الزراعة والتجارة، فكان هذا من أكثر الشعوب صبرا على ما تتطلبه الزراعة من عناء وصبر ومكابدة، بالإضافة إلى ما تتطلبه التجارة من مصابرة لأجل تنمية رأس المال والربح.

لا جرم أن وصف الرسول صلى الله عليه وسلم أهل اليمن بأنهم أصحاب حكمة وإيمان، وقد كان لهم نصيب وافر من هذا الشهادة النبوية الكريمة.

لم يكن اليمنيون شعبا عالة على الإسلام، بل كان في طليعة الشعوب التي جابت دول الشرق والغرب جهادًا للكافرين واستيطانًا للبلاد المفتوحة، فثبت أن قبائل من اليمن رحلت إلى المدينة إبّان عهد الوحي مثل قبيلة الأشعريين.

ثم قبائل كثيرة إلى العراق ومصر والشام إبّان عصر الفتوحات في عصر الخلفاء الراشدين، ولم يتخلف شعب اليمن عن الهجرة إلى أقصى الأرض مثل الأندلس عندما فتحت في عصر الأمويين.
وعندما توقفت الفتوحات لم تتوقف جحافل الشعب اليمني في جوب الأرض شرقا وغرباز

ولكن لم يكن ذلك عن طريق الجيوش الجرارة التي كانت تفتح السهول والمدن، بل كان عبر قوافل التجارة التي لم تدع سلعة إلا ورحلت في بيعها أو شرائها أو استجلابها، بل إن من قوافل التجارة تلك من استوطن بلادًا قاصية بعيدة وبقي فيها حتى هذه الساعة.

لا يوجد تاريخ دقيق يؤرخ لرحلات التجارة اليمنية إلى العالم، ولكن الثابت أن معظم الهجرات اليمنية استقرت في جنوب شرقي آسيا، وكان بعض منها جاب الهند والسند والصين، ولكن لا يوجد دلائل تشير إلى وجود جاليات يمنية استقرت في تلك البلاد، مما يؤكد أن التجارة التي مارسها اليمنيون في تلك البلاد (الصين والهند والسند) كانت رحلات عابرة لا رحلات استيطان.

أما أندنيسيا وتايلند وبورما وماليزيا فقد حظيت بأكثر الرحلات اليمينة استيطانا، وما تزال حتى هذه الساعة جاليات يمنية كبيرة ذات ألقاب عربية يمنية واضحة تتخذ من تلك البلاد مستقرًا ومقيلا.

تشير بعض المصادر التاريخية إلى أن الهجرات اليمنية إلى جنوب شرقي آسيا بدأت تتكثف إبان عصور الفتنة والضعف التي مرت بالخلافة الإسلامية، وتوقف الفتوحات الإسلامية التي كان يشكل اليمنيون جزءًا كبيرًا من الجيش العربي فيها، ولما ابتدأت الخلافة الإسلامية في الاستعانة بالأتراك والفرس بدأ نفوذ اليمنيين يتضاءل حتى بلغ حضيضه إبان الخلافة العثمانية التي لم تجعل للعرب أي دور في الفتوحات التي قاموا بها.

لم يجد اليمنيون بدًّا من ممارسة دورهم العالمي عن طريق مهنتهم الأصيلة التي تلقوها عن أجدادهم كابرًا عن كابر، ألا وهي التجارة.

بدأت أولى الطلائع التجارية التي رغبت في استيطان بلاد الشرق منذ القرن الثامن الهجري على التحديد، حينما اتسع نفوذ المسلمين في الهند والسند والصين، ولكن بدأ اليمنيون في التغلغل إلى البلاد التي لم تصلها الفتوح الإسلامية.

وقد اشتهر البحارة اليمنيون بأنهم من أكثر البحارة مهارة في جوب البحار، حتى قيل إن كريستوفر كولومبس (مكتشف أمريكا فيما يزعم الغرب) رافقه بحارة يمنيون كانوا على دراية بالطريق البحري الشرقي الذي يمر عبر المحيط الهادئ ومنه إلى أمريكا من الناحية الغربية.

ولم يكن لكريستوفر كولومبس أن يخوض غمار تلك البحار التي لم تمسها يد رجل أبيض من قبل لولا تلقيه المساعدة من البحارة العرب اليمنيين واستعانته بخرائطهم القديمة كما تشير إلى ذلك المصادر الغربية نفسها.

كانت جزر إندنيسية كبرى لم تطأها قدم أحد من دول العالم القديم، حتى وصلتها قافلة تجاربة بحرية من اليمنيين، عرضوا بضائعهم الغريبة على قبائل إندونيسية التي كانت معظمها تعتنق الديانة البوذية والوثنية المختلفة، كما كانت كثير من تلك القبائل بدائية لم تعرف المدنية البتة.

مكث هؤلاء التجار في أندنيسيا يعرضون تجارتهم حتى استهوتهم الإقامة في تلك البلاد عندما رأوا سهولة دخول الناس في دين الله (الإسلام) أفواجا، فأنشؤوا يقيمون خططهم الطويلة الأمد في استيطان تلك البلاد وتوسيع دائرة الدعوة الإسلامية، حتى شملت كل الممالك في أرخبيل اندونيسيا، الذي كان يضم حينها أرخبيل الفلبين أيضا.

دخل الإسلام تلك المنطقة بسرعة هائلة، ولم يصل القرن العاشر الهجري إلا وقد كان أرخبيل أندنيسيا والفلبين بأسره يضم ممالك إسلامية ذات نفوذ واسع امتد حتى شمل الممالك الإسلامية في ماليزيا (جزر الهند الصينية)، واستوطن الإسلام في جنوب شبه جزيرة الهند الصينية أيضا وغدا الوجود الإسلامي في تلك المنطقة قدرا محتوما.

لم تنس القبائل اليمنية المهاجرة أصلها، فحافظت على تراثها ونقلت كل التقاليد العربية إلى المسلمين في دول جنوب شرق آسيا، بدءا من الإزار اليمني الشهير وانتهاء بالمذهب الشافعي الذي كان سائدا في اليمن آنذاك ونقل بحذافيره إلى دول المنطقة باعتباره الممثل لدين الإسلام.

يتكثف الوجود اليمني في جزيرة جاوه في أندونيسيا، حيث تقيم جاليات يمنية تتمتع بالجنسية الأندونيسية، ولكن غالب أفرادها تبدو ملامحهم العربية واضحة جدا.

بل إن بعضا منهم ما يزال يحافظ على اللغة العربية كلغة تحادث في بيته ومع عشيرته، ومنهم طائفة كبيرة ما تزال ترسل أبناءها إلى اليمن ليدرسوا الشريعة الإسلامية في جامعاتها وفاء بالأصل الأصيل الذي ينحدرون منه.

يشتهر اليمنيون بالتجارة في تلك الدول، وقد واكبوا التطور الذي حدث في المنطقة فأقاموا تجارة كبيرة في سنغافورة حيث يوجد حي عربي كامل معظم قاطنيه من اليمنيين ذوي الأسماء والعائلات اليمنية الشهيرة.

ويتخذ اليمنيون من الدول النشيطة تجاريا مراكز تسويق لأعمالهم، مثل تايلند وسنغافورة وماليزيا والصين، ولا توجد دولة من دول الشرق الأقصى إلا وللتجار اليمنيين فيها وجود من نوع ما.

غالب اليمنيين يحافظ على التقاليد الإسلامية.. ويراعي كونه ذا نسب عربي، ويعرف هذه المكانة في المجتمع، بل إن المجتمعات الإسلامية في أندنيسيا وماليزيا يعرفون فضل هؤلاء التجار لما عرف تاريخيا من دورهم في دخول الإسلام إلى تلك البلاد.

نفوذ التجار اليمنيين تجاوز الجانب التجاري إلى الجانب السياسي، وصارت الفصائل السياسية في تلك الدول، وبالأخص أندنيسيا وسنغافورة حيث يتكثف الوجود اليمني تحسب حساب هذه الجالية وتستقطب ودها.

ويوجد تقليد في أندنيسيا أن غالب من يتولى منصب وزير الخارجية لا بد أن يكون ذا أصول يمنية أو عربية، وأن يتحدث اللغة العربية بطلاقة، وكأن هذا اعتراف بالعلاقة القوية التي تربط تلك البلاد بالعرب قديما وحديثا.

تشتهر الجالية اليمينة في أندنيسيا بصناعة الإزار الذي يعتبر الآن الزي التقليدي لأهل البلاد، وتوجد مصانع كثيرة تحمل الاسم اليمني مثل بن علوي وباشيبان ونحوها من ألقاب العائلات الشهيرة في اليمن.

أما في سنغافورة وماليزيا فيشتهر التجار اليمنيون بتجارة التصدير والاستيراد، وفي تايلند وكبوديا يتشهرون بتجارة العود والروائح.

ومع انفتاح السوق الصينية لم يهدأ التجار اليمنيون المعاصرون حتى أقاموا لهم مكاتب تجارية في شنغهاي وغيرها من المدن التجارية الصينية، وصاروا وسطاء ذوي شهرة عالمية نتيجة للفرصة السريعة التي انتهزوها إبان تغيير الصين من عهدها الشيوعي إلى عهد رأسمالي خليط بالاشتراكية.

ليست هذه المعلومات عن التجار اليمنيين مستقاة من كتب التاريخ أو السير، فإن مثل هذه المعلومات لم توثق حتى الآن في مصادر تاريخية يمكن أن يرجع إليها الباحثون، بل جل هذه المادة مأخوذه بالمشافهة عن التجار اليمنيين المقيمين في تلك الدول، وعن مشافهة بعض مواطني تلك الدول ومعرفة الأحوال فيها عن كثب ومعاشرة.

ولكن للأسف الشديد فإن التجار اليمنيين المعاصرين لم يكونوا كأسلافهم في نشر الدين والدعوة إلى الله، بل إن معظم معاملاتهم مع الآخرين منصبة في الشأن المالي، وغاب عن اهتمامهم تماما الجانب الدعوي والأخلاقي.

ومع أن اليمنيين معروفون بالأمانة والدقة في العمل، إلا أن بعضهم أساء إلى سمعة وتاريخ ودول اليمن في الدعوة إلى الله.

وضرب أمثلة سيئة في الانحلال الأخلاقي حينما جاء إلى هذه الدول، فهل يعمل التجار اليمنيون على المحافظة على تراث أجدادهم وفضلهم في إيصال الدين إلى كل دول هذه المنطقة؟؟؟

هذا ما يرجوه كل داعية إلى الله تعالى.

الكاتب: تايلاند ـ برمود صمدي

المصدر: موقع إسلام ويب